رغم دعوة النظام للحوار المزعوم .. كرة الغضب الشعبي "تتدحرج"
الجمعة - 10 يونيو 2022
في الوقت الذي يسارع فيه النظام المصري من أجل السيطرة علي الشارع، وإحداث انفراجه شكلية من خلال عقد مؤتمر للحوار السياسي المزعوم ، الذي دعا إليه السيسي في إبريل/ نيسان الماضي، أعلنت فيه عن بدء أولى جلسات الحوار في الأسبوع الأول من شهر يوليو/ تموز المقبل واختيار "نقيب الصحافيين ضياء رشوان " منسقاً عاماً للحوار، بالإضافة إلى اختيار المستشار محمود فوزي، الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رئيساً للأمانة الفنية للحوار الوطني"، نجد أن الغليان يجتاح الشارع المصري .. وكرة الغضب الشعبي تتدحرج، وقد وضح ذلك في صدام قوات الشرطة المصرية بسكان جزيرة الوراق على مدار الايام الماضية، بسبب تمسكهم بأرضهم ومنازلهم، بعدما حاولت "الداخلية عزل السكان ومنعهم من كل الخدمات ..
كما وصل الغضب الشعبي محطة العمال، حيث أعلن عمال ونقابات وممثلو أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني، رفضهم لقرار الحكومة المصرية، تصفية شركة النصر لصناعة الكوك ، بسبب تعاظم خسائر الشركة.. وإلى التفاصيل :
وأوضح البيان الذي نشرته الأكاديمية الوطنية للتدريب أول أمس الأربعاء، أنّ "أولى مهام المنسق العام للحوار الوطني تتمثّل في بدء التشاور مع القوى السياسية والنقابية وكافة الأطراف المشاركة في الحوار الوطني، لتشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني، من ممثلي كافة الأطراف والشخصيات العامة، والخبراء، من 15 عضواً، بما يضمن المشاركة الفعّالة والتوصُّل إلى مُخرجات وفقاً للرؤى الوطنية المختلفة وبما يخدم صالح المواطن المصري".
وقالت المصادر التي تحدثت مع "العربي الجديد" إن "الدعوة لحوار سياسي جاءت بالأساس في إطار تحضيرات مصر لتنظيم مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27، والذي يعقد من 6 إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في مدينة شرم الشيخ" ، موضحة أن "السبب الرئيس وراء إطلاق الدعوة للحوار، هو حرص النظام المصري على الظهور أمام المجتمع الدولي في صورة النظم الديمقراطية، التي تسمح بالتعددية السياسية وحرية التعبير، وأن البلاد تعيش حالة من الحراك السياسي، لا سيما مع تصاعد الانتقادات الدولية لمصر في مجال حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير".
وقالت المصادر إن "الهدف الرئيس من وراء الحوار المفترض، كان صورة النظام المصري أمام المجتمع الدولي، في وقت يعاني النظام فيه من سمعة سيئة في مجال حقوق الإنسان بشكل عام، وليس أكثر من ذلك"
وأشارت إلى أن "تلقف بعض القوى السياسية والمعارضة لدعوة الحوار، والسير بها في اتجاهات مختلفة- وصلت في بعض الأحيان إلى الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة- خرج بالفكرة عن مسارها المحدد من قبل النظام، وجعله يقرر إلغاء فكرة عقد مؤتمر عام يجمع القوى السياسية لتدشين ذلك الحوار".
وأكدت مصادر خاصة أن القاهرة "تعول كثيراً على مؤتمر المناخ العالمي السابع والعشرين، والذي ستستضيفه مدينة شرم الشيخ في نوفمبر المقبل، سوف يشهد حضور عدد من رؤساء الدول والحكومات الغربية، على رأسهم المستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ، لتحقيق أكثر من هدف". وأوضحت أن "النظام المصري لا يزال يطارده هاجس عدم الشرعية، ولذلك فإنه يعول على مثل هذه المناسبات، في الحصول على اعتراف دولي، رغم مرور أكثر من 7 سنوات على وجوده في السلطة"
وقالت المصادر إنه "بينما كان النظام المصري يأمل أن يلبي الرئيس الأميركي جو بايدن الدعوة لحضور المؤتمر، وهو ما كان سيشكل دعماً دولياً للسيسي، إلا أن الأنباء تشير إلى عدم مشاركة بايدن، وحضور نائبته كامالا هاريس".
وأضافت المصادر أن "بايدن لا يزال يتعامل مع نظام السيسي بتحفظ، كما أنه لا يفضل أن يلتقيه في الوقت الحالي، لا سيما مع تصاعد الانتقادات لإدارته بعدم الوفاء بوعودها في ما يتعلق بتشديد الضغوط على شركائها من الأنظمة السلطوية لأجل احترام حقوق الإنسان".
وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن "الآمال العريضة التي يبنيها النظام المصري على استضافة مؤتمر المناخ جعلته يقدم بعض التنازلات من أجل إنجاح المؤتمر، بينها السماح لنشطاء البيئة والمناخ بالدخول إلى مصر، في وقت يحرم الكثير من المصريين المعارضين في الخارج من دخول البلاد، خوفاً من الاعتقال والسجن".
وأضافت المصادر إن "خطة النظام المصري الحالية بخصوص الدعوة للحوار، تتركز على تسويف وإطالة أمد هذا الحوار، حيث إنه من المستبعد تماماً في الوقت الحالي، أن يقوم النظام بعقد مؤتمر للحوار، كما يعتقد البعض".
وأشارت إلى أن هذا الأمر يأتي "خاصة في ظل تنامي مطالب القوى المحسوبة على المعارضة، والتي تفرعت في أكثر من اتجاه، بينها الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، دون تمييز، بمن فيهم معتقلو جماعة الإخوان المسلمين، وفتح المجال العام، وتحرير وسائل الإعلام من قبضة الدولة، وقضايا سياسية أخرى بعيدة عن المجال الاقتصادي ومشروعات الدولة، والتي كان يفترض النظام أن الحوار سيتركز حولها فقط دون القضايا السياسية".
وكرة الغضب تتدحرج
ورغم هذه الاجواء نجد النظام يصطدم بالغلابة من سكان جزيرة الوراق، بعد محاولات لتفريغ الجزيرة من سكانها مجددا، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، غضبا بعد اعتداء الأمن على أهالى "الجزيرة" ووسم "#الوراق_عشوة_الكلاب قائمة" يتصدر في "تويتر"، كما طالب ناشطون بالنزول لدعم أبناء الوراق، مؤكدين مطامع السيسي في الجزر النيلية بعد قرار استيلاء العسكر على 37 جزيرة نيلية وواحدة بحرية .
ودعا خالد متابعيه إلى التضامن مع أهل الجزيرة، فكتب: "السيسي تعامل مع شعب الجزيره بالحصار العسكري!؟ أغلق عليهم المعديات ليموتوا من الجوع، أو يستسلموا، أغلق العيادات، الكهرباء والغاز، ولازال شعب الجزيره مقاوم، إنزلوا ساندوا إخوانكم قبل مجيء الدور عليكم، وما هو ببعيد!! #جزيره_الوراق".
وتوجهت ماجدة محفوظ بالدعوة نفسها إلى المتابعين: "مسلسل التضييق على جزيرة الوراق مستمر، بعيدًا عن أعين الكاميرا! استراتيجية #السيسي الذي لا يتراجع عن جريمة أبدًا. محاصرة الجزيرة بالمدرعات وكلاب الشرطة، واغلاق الوحدة الصحية.. إلخ، وكأن الجزيرة يتم احتلالها وإجبار أهلها على النزوح. أهالي الوراق محتاجين صوتنا #الوراق_عشوة_الكلاب".
وعلق د. جوزيف: "دي مش فلسطين دي مصر، ده الجيش المصري يقتحم جزيرة الوراق، من أجل أن يسلمها للمستثمرين الخلايجه والصهاينه، والأهالي: لن نتنازل عن بيوتنا ولو دهستوتنا بدباباتكم، الجيش والشرطة ليست لخدمة الشعب، ولكن لخدمة النظام الخائن الذي يتنازل ويبيع كل ثرواته #الوراق_عشوة_الكلاب".
بدوره، كتب محمد عبد الرحمن: "النظام بيتغابى لأنه قبض ثمن الجزيرة كاش من الإمارات. والناس ف #جزيره_الوراق عندها الموت أهون من خروجهم من الجزيرة. الناس متمسكة بأرضها، والنظام عليه ضغوط إماراتيه لتسليم الجزيرة، على الشعب المصري كله دعم أهالي #جزيره_الوراق ضد المحتل الإماراتي ومن يعاونه. #جزيره_الوراق".
واعترض راجي على عدم تأمين بديل مناسب للسكان: "عاوز تبيع جزيرة الوراق وتستثمر مكانها ماشي، مش غلط ومش عيب لكن بالتراضي، الناس تخرج راضية وواخدة حقها بالكامل وزيادة، والمزارع تديله أرض زراعية بديلة، والناس تعوضهم بأسعار السوق وزيادة، هيا مش بلد أبوكم بس".
كما قام الأهالي في منطقة العصافرة بالإسكندرية، بطرد الأمن بعد تصديهم لهم بسبب محاولات طردهم من بيوتهم لإنشاء قطار مكهرب جديد .
وقد وصل الغضب الشعبي محطة العمال ، حيث أعلن عمال ونقابات وممثلو أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني، رفضهم لقرار الحكومة المصرية، تصفية شركة النصر لصناعة الكوك ، بسبب تعاظم خسائر الشركة.
وكان وزير قطاع الأعمال العام المصري، هشام توفيق، قد أعلن، قبل يومين، أنّ الوزارة ستقوم بتصفية شركة النصر لصناعة الكوك في وقت قريب، حيث أنّ قرارات التصفية تكون بناءً على قرارات لجان درست الأمر جيداً قبل التوصية باتخاذ القرار، وذلك بعد تصفية 3 شركات، لتكون الشركة الرابعة من بين الشركات التي تمت تصفيتها بسبب تعاظم خسائر الشركة، واستمرار نزيف الخسائر وعدم جدوى خطط التطوير
ورفض أعضاء لجنة الدفاع عن الحريات النقابية وحقوق العمل، وفق ما أوردته دار الخدمات النقابية والعمالية، في بيان لها، تصريح الوزير، متسائلين عن الإصرار الكبير من جانب الحكومة على تصفية شركات قطاع الأعمال شركة تلو الأخرى غير عابئين بالآثار المدمرة على الاقتصاد الوطني جراء إغلاق وتصفية الشركات وتشريد عمالها وارتفاع أسعار السلع التي تنتجها أو السلع المرتبطة بها، كما حدث مع الشركة القومية للأسمنت وشركة الحديد والصلب وغيرها.
ورد أعضاء اللجنة النقابية للعاملين في صناعة الكوك، على "مزاعم خسارة الشركة وتحقيقها خسائر كبيرة" مستشهدين بالتقرير المالي للشركة خلال المدة من 1 يوليو/تموز 2021 وحتى 30 إبريل/نيسان 2022، والتي حققت الشركة خلاله أرباحاً بلغت 114 مليون جنيه من حجم مبيعات بلغ 613 مليون جنيه عن الفترة موضوع التقرير، علماً بأنّ الشركة تعمل بـ25% فقط من طاقتها الإجمالية رغم القيود والعقبات والأعباء المالية التي توضع في طريق استمرار الشركة في العمل والإنتاج.
وأكد ممثلو النقابات والعمال، على أنه حال استمرار الحكومة بتصفية شركة الكوك واتخاذها هذا القرار مستقبلاً، سيؤثر كثيراً على عدة صناعات أخرى تستخدم فحم الكوك في صناعتها مثل صناعة السكر المصرية التي طالبت مجالس إدارات شركاتها مراراً وتكراراً بضرورة الحفاظ على الشركة وعلى منتجها الجيد من فحم الكوك مع استعدادها لشراء 34 ألف طن من منتج الشركة من الفحم شهرياً.
وعبّر العمال وممثلو النقابات والأحزاب عن تضامنهم الكامل مع العاملين في شركة الكوك ضد أي إجراءات تصفية قد تتخذها الحكومة للشركة، والذي سوف يؤدي حتماً لتشريد العمال وارتفاع أسعار العديد من السلع الأساسية التي تعتمد في مراحل تصنيعها على إنتاج الشركة لفحم الكوك (السكر والنترات والأمونيا والأسمدة) مما يزيد من أعباء المواطن المصري، ويؤدي إلى موجة جديدة من التضخم غير المحتمل من قبل المواطنين.
وتعد شركة النصر لإنتاج فحم الكوك إحدى أكبر شركات الصناعة في مصر والشرق الأوسط، وتحتوي على 4 مصانع هي "مصنع الكوك والأقسام الكيماوية"، "مصنع تقطير القطران"، "مصنع النترات" و"الوحدة متعددة الأغراض".